
فما صحة هذا القول و ما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلم ان كلمة (أنّى) من أسماء الشرط وهو أما أن يكون للزمان أو للمكان، فقد وقع الاختلاف فيه .فمن قال للزمان، فيكون تفسير الآية الشريفة (( فاتو حرثكم )) في أي زمان شئتم الا ما خرج بالدليل، وهو أيام الاذى أي أيام الحيض .
وإذا كان للمكان، فمعنى الآية فاتوا حرثكم ونسائكم في أي مكان شئتم، فيعمّ الدّبر حينئذ. الا أنه قيل: قد خرج بالدليل أيضاً بقوله تعالى: (( فاتوا البيوت من أبوابها )) (البقرة:189) ،وكذلك ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ( محاش النساء حرام عليكم )، ولكن في روايات أخرى نفي الباس عن ذلك . فالفقهاء جمعاً بين الروايات حكموا بالكراهة ، فمنهم من قال بالكراهة الشديدة و اشترط رضى الزوجة ، ومنهم بالحرمة - من باب الاحتياط الوجوبي - ، فالمسألة اختلافية باعتبار اختلاف لسان الروايات وهذا يعني انه في مقام التقليد لا بد أن ترجع إلى من تقلّده وتعمل على طبق فتواه .
ودمتم في رعاية الله
أقول : لدينا تعليق حول آية : (( نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتُوا حَرثَكُم أَنَّى شِئتُم وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤمِنِينَ )) (البقرة:223).
مفاد التعليق : أن بعضهم قال أن هذه الآية تفيد جواب وطئ الزوجة من القُبل, لأن القُبل منطقة الحرث الذي يأتي منه الولد, فقالوا أن هذه الآية تدل على حرمته وطئ الزوجة من الدبر لأنه غير مكان الحرث بناء ً على قاعدة أن الأمر ضده نهي, فالأمر بوطئ الزوجة قُبلاً يقتضي النهي عن وطئها دبراً .
وللتدليل أكثر على الأمر بوطئ الزوجة قُبلاً يقول تعالى قبل هذه الآية مباشرة ما نصه :(( وَيَسأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُل هُوَ أَذًى فَاعتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطهُرنَ فَإِذَا تَطَهَّرنَ فَأتُوهُنَّ مِن حَيثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ )) (البقرة:222).
قلت : فالله تبارك وتعالى يأمر بإتيان النساء من حيث أمرنا, ومن الواضح بجمع الآيتين السابقتين أن المكان الذي أمرنا به مكان الحرث أي في القُبل, وبناءً على قاعدة كل أمر ضده نهي, فهو نهي عن ما عدا القُبل إلا ما جوزه النص !
فما رأيكم بهذه الاستدلال على حرمة وطئ الزوجة دبراً ؟
وما رأيكم بقاعدة الضد التي ذكرناها لأن الفقهاء اختلفوا فيها فما القول الفصل ؟
وهل يصح النقض على هذا الاستدلال على فرض صحة القاعدة طبعاً بقولنا أن الأمر بالآيتين ليس أمراً, بل هو جواز الإطلاق, بمعنى أن الإتيان المنصوص عليه بالآيتين هو بمعنى جواز الإتيان لا وجوب الإتيان, فلا يُمكن تطبيق قاعدة الضد - على فرض صحتها - هنا لأنها خارج مبحث الضد الذي هو مُتعلق بالأوامر دون مطلق الجواز ؟
اللهم صلِ على محمد وآل محمد...
الأخ أبا محمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولاً: ان صيغة الأمر تدل على مطلق الطلب الأعم من الوجوب والاستحباب، وظهوره في الوجوب يحتاج الى دلالة اضافية سواء من العقل او من قرائن غيره.
وصيغة الامر في (فاتوا) في الآية لا تدل على الوجوب قطعا لما هو ثابت في الشريعة من عدم وجوب إتيان الزوجة .
اذا أكثر ما يمكن قوله فيها أنها تدل على الاستحباب اذا اخذنا الامر هنا على أنه امر مولوي لا ارشادي كما هو ظاهر الآية, فتأمل.
ثانياً: ان الـ (الحرث) جاء وصفاً للنساء ولا يمتنع ان توصف امراة كلها بذلك لا موضع القبل فقط، إذ ان النساء موضع الولد وقد أباح لنا الشرع إتيان النساء فيما عدى القبل قطعاً، كما في ما بين الفخذين مثلا.
ثالثاً: ان قاعدة أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص باطلة كما ثبت في محله من أصول الفقه.
هذا وقد استدل بعض المفسرين بهذه الآية على حرمة إتيان النساء من أدبارهن، وهو من أوهن الاستدلال وأرداه، فإنه مبني إما على الاستدلال بمفهوم قوله تعالى: فأتوهن وهو من مفهوم اللقب المقطوع عدم حجيته، وإما على الاستدلال بدلالة الامر على النهي عن الضد الخاص وهو مقطوع الضعف. على أن الاستدلال لو كان بالامر في قوله تعالى: فأتوهن فهو واقع عقيب الحظر لا يدل على الوجوب، ولو كان بالامر في قوله تعالى: من حيث امركم الله، فهو إن كان أمرا تكوينيا كان خارجا عن الدلالة اللفظية، وإن كان أمرا تشريعيا كان لازما، والدلالة على النهي عن الضد على تقدير التسليم إنما هي للامر الايجابي العيني المولوي.
ودمتم برعاية الله
شكرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما يقول الفقهاء ان هذا الفعل مكروه او مكروه كراهة شديدة فأن معناه ان هناك مفاسد من وراء هذا الفعل لكنها لا ترقى الى الحرمة لانه قد تكون المفاسد بالحرمة اكبر من المفاسد بعدم الحرمة او تكون هناك مصالح بعدم الحرمة اكبر من المفاسد من الحرمة لذا يأتي الحكم الشرعي بالجواز مع الكراهية دون الحرمة . ثم اذا ثبت بالعنوان الثانوي ان هناك ضرراً فقد يتغير الحكم الشرعي تبعا للعنوان الثانوي.
دمتم في رعاية الله
هل لهذه الآيه علاقة بقول الرسول صلى الله عليه (ياعلي لا يبغضك الا منافق او ابن زنا او ابن حيض) والتركيز هنا على ابن الحيض وهل التفسير الخاطئ لهذه الاية سبب كثرة ابناء الحيض وبغضهم للامام امير المؤمنين عليه السلام؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حتى من يقول ان (انى) هنا زمانية لابد ان يقيد الاية القرآنية بالنهي في فترة المحيض لورود النص القرآني الصريح في الامر باعتزال النساء في فترة المحيض.
وكثرة المبغضين للامام امير المؤمنين (عليه السلام) انما يدل على ان هناك عصيانا لهذه الاوامر او ان هناك نفاقا.
ودمتم في رعاية الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم نعثر على استدلال الفقهاء بهذه الآية على تحديد النسل لكن في الطبراني روى عن ابن عباس استدلاله بالآية القرآنية بجواز العزل حيث قال : المعجم الأوسط 2/39:
وبه عن أبي إسحاق عن زائدة بن عمير قال سألت ابن عباس عن العزل فقال قد أكثرتم فيه فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه شيئا فهو كما قال وإن لم يكن قال فيه بشيء فأنا أقول فيه نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم فإن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا.
لكن في تفسير الميزان 2/213 استغرب من هذا الاستدلال فقال :
ومن غريب التفسير الاستدلال بقوله تعالى : نسائكم حرث لكم الآية ، على جواز العزل عند الجماع والآية غير ناظرة إلى هذا النوع من الاطلاق ، ونظيره تفسير قوله تعالى وقدموا لأنفسكم ، بالتسمية قبل الجماع .
ودمتم في رعاية الله