
الأخ عثمان المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقول: روى هذا الحديث جمع غفير من الأئمّة المشاهير والحفّاظ الأعلام من أهل السُنّة, في كتبهم في الحديث والفضائل, ومنهم من ذكره بترجمة الصدّيقة الكبرى(صلوات الله عليها).
فمن رواته: ابن أبي عاصم أبو بكر أحمد بن عمرو الضحّاك (ت287هـ)(1)، وأبو يعلى (ت307هـ)(2)، وأبو بشر الرازي الدولابي (ت310هـ)(3)، وأبو القاسم الطبراني (ت360هـ)(4)، وابن عدي (ت365هـ)(5)، والحاكم النيسابوري(ت405هـ)(6)، والخركوشي (ت407هـ)(7)، وأبو نعيم الأصفهاني (ت430هـ)(8)، وابن المغازلي (ت483هـ)(9)، وأبو المؤيد الموفّق الخوارزمي (ت568هـ)(10)، وأبو القاسم ابن عساكر (ت571هـ)(11)، وابن الأثير الجزري (ت630هـ)(12)، وابن النجّار البغدادي (ت643هـ)(13)، والشيخ محمّد الزرندي الحنفي (ت750هـ)(14)، والهيثمي (ت807هـ)(15)، وابن حجر العسقلاني (ت852هـ)(16)، وجلال الدين السيوطي(ت911هـ)(17)، وغيرهم من أعلام الأئمّة والحفّاظ. فانظر من الكاذب؟!!
قال أبو نعيم: ((تفرّد برواية هذا الحديث العترة الطيبة خلفهم عن سلفهم، حتّى ينتهى إلى النبيّ(صلّى الله عليه وسلّم) ))(18).
ثمّ إنّ الحاكم قال: ((هذا حديث صحيح الإسناد, ولم يخرجاه))(19)، فالحديث له إسناد معروف إلى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولكن الذهبي حاول تضعيفه في تلخيصه كعادته قائلاً: ((بل حسين منكر الحديث, لا يحلّ أن يحتجّ به))(20).
والحسين بن زيد، هو: الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، الملقّب بـ(ذي الدمعة) لكثرة بكاءه، تكفّل به الصادق(عليه السلام) بعد مقتل أبيه زيد وأخيه يحيى، فأصاب من الصادق(عليه السلام) علماً كثيراً، وكان ورعاً(21)..
صحّح الحاكم له عدّة أحاديث(22)، ووثّقه الدارقطني(23)، وقال ابن حجر: ((صدوق ربّما أخطأ))(24)، وقال الهيثمي: ((وقد وثّق، وفيه كلام))(25)، وقال ابن أبي حاتم: ((قلت لأبي: ما تقول فيه؟ فحرك بيده وقلبها، يعني: يعرف وينكر))(26)، وقال ابن عدي: ((أرجو أنّه لا بأس به، إلاّ أنّي وجدت في بعض حديثه النكرة))(27)، وقال علي بن المديني: ((كان فيه ضعف ويكتب حديثه، وحدّث علي عنه على المنبر))(28)، واعتمده ابن ماجة وروى عنه رواية واحدة(29)، وذكره الذهبي في (الميزان) وروى له ثلاث روايات، منها: قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة: (إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك)(30).
فعرف سبب حكمهم بنكارة حديثه، وهو: روايته هذا الحديث وغيره، ممّا انفرد بروايته آل رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ممّا يدحض مذهبهم، ويعرّي أسلافهم؛ لِما عرف من موت فاطمة(عليها السلام) وهي غضبى على الأوّلَين منهم، مع أنّك عرفت أنّ الحديث صحيح، كما حكم به الحاكم.
وقال فيه الهيثمي: ((وإسناده حسن))(31).
ومع أنّ قول الذهبي: ((لا يحلّ أن يحتجّ به)) مردود، فإنّ للحديث طرق أُخر عند الخوارزمي في (مقتل الحسين(عليه السلام)، عن عليّ بن موسى(عليه السلام) عن آبائه(32).
فسقط بذلك قول الذهبي، وظهر معه كذب ابن تيمية في قوله: ((ولا يعرف هذا في شيء من كتب الحديث المعروفة, ولا إسناد معروف عن النبيّ(صلّى الله عليه وسلّم)، لا صحيح، ولا حسن))، فإنّ الحديث صحيح عند بعضٍ، وحسن عند آخرين، نعم، ردّه الذهبي وهو تلميذ ابن تيمية، وقد بيّنا خطأه.
ودمتم في رعاية الله