
ما حقيقة النفس الأمارة، وهل أن لها وجودا مستقلا عن ذات الإنسان، أما أنها من متعلقات ذاته التكوينية، وهل يمكن اعتبارها شيطانا باطنيا في قبال الشيطان الخارجي (الغيبي) وكلاهما يؤثران بشكل أو آخر على سوية الإنسان والتزامه الديني؟
الأخ احمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيطان : من (( شطن يشطن )) أي بعُد يبعد . والشيطان أي الموجود البعيد عن رحمة الله عز وجل .
ويعتقد البعض أن الشيطان هو ذلك الموجود الذي وسوس لنبي الله آدم أبي البشر عليه السلام, في حين أن هذه الكلمة هي لفظ عام يطلق على كل موجود مضر وشريرٍ, سواء أكان من النوع الإنساني أو من نوع الجن أو من جنس الحيوان, أما الشيطان الذي أغوى آدم عليه السلام ووسوس له فهو من أشرار الجن ويدعى (( إبليس )) كما ورد في قوله تعالى : (( وَإِذ قُلنَا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبلِيسَ كَانَ مِن الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ )) إلى آخر الآية .
فكلمة (( الشيطان )) إذن لا تختص بإبليس, بل تطلق على أشرار الإنس أيضاً, كما في قوله تعالى :
1- (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ )) .
2- (( إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخوَانَ الشَّيَاطِينِ )) إلى آخر الآية .
3- (( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوا إِلَى شَيَاطِينِهِم قَالُوا إِنَّا مَعَكُم )) إلى أخر الآية .
فلاحظ في هذه الآيات الثلاث أن الله عز وجل سمى أولئك المنافقين والذين يؤذون الناس, وخصوصاً أعداء الأنبياء عليهم السلام والذين هم في ظاهرهم من النوع الإنساني, سماهم بالشياطين .
اختلف الحكماء في أن النفس الإمارة بالسوء ما هي ؟ فمنهم من قال إن النفس الإنسانية شيء واحد, ولها صفات كثيرة فإذا مالت إلى العالم الإلهي كانت نفسا مطمئنة, وإذا مالت إلى الشهوة والغضب كانت أمارة بالسوء, وكونها أمارة بالسوء يفيد المبالغة، والسبب فيه أن النفس من أول حدوثها قد ألفت المحسوسات والتذت بها وعشقتها, فأما شعورها بعالم المجردات وميلها إليه فذلك لا يحصل إلا نادرا... وقال بعض محققي الفلاسفة أن النفس الامارة هي المقابلة للعقل، وهي وجه الماهية التي ما شمت رائحة الوجود، وانما كانت امارة بالسوء لأنها ظل العقل، فمثلما كان العقل متهيئا للكمال وله نهايات هي انحاء كمالاته يميل إليها طلباً للاستكمال، فكذلك النفس الأمارة يلزمها من جهة المقابلة للعقل طلب ما يليق بشأنها فهي متهيئة كالعقل لطلب الاستكمال الا ان العقل كماله وجود والنفس الأمارة كمالها عدم، ولها نهايات تميل إليها طلباً لما يليق بها من الشرور والاعدام.
ودمتم في رعاية الله