الاسم الكامل : ابو مرتضى علي
الدولة : الوطن العربي
المساهمة :
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين وآله الأطهار المنتجبين ..
نشأة عقيدة أهل السنّة , بين الترغيب والترهيب
إنّ عقيدة آهل السُنّة في واقعها جاءت من رحِمِ سقيفة بني ساعدة ، ثمّ كانت المُرضعةُ لها الدرّة العمريّة وعنجهيته .. حتّى تدرجت بين أحضان شعراء الجنّ ..[1] ، وجنود العسل [2] ، ثمّ نطقت على لسان السفّاح (( لا يُفتى ومالك في المدينة )) .
وهكذا كانت حياتها ومنذ نشأتها الأولى في أحضان الساسة ، والتي سهر أربابها أن يجعلوا منها الكفيل والضمانة في الحفاظ على عروشهم .. بعد أن وشّجوها بدعاوي أضاليل لتكون دعامة لبقائهم وتسلطهم : (( لو ولّي عليك عبدا حبشياً ، فاسمع وأطع )) , (( أطيعوا أولي الأمر منكم ما أقاموا فيكم الصلاة )) .
وهكذا وضعت عقيدة أهل السنّة في مقام عال بعيدا أن ينال منها أحدٌ ، بل واعتبرت إمتدادا لما أراده الله تعالى وجاء به رسوله الأعظم (ص) من منهج للحياة وسبل للنجاة .. فمن إلتزم بها كان من الناجين منَ النّار ومنَ السلطان ، ومن خالفها كان مع الهالكين وأصحاب دار البوار ..؟
ثمّ جاء بعد قرون إبن تيميّة ليضع لهم شروط الهويّة : (( أهل السنّة والجماعة ، هم السلف الصالح ، وأهل الكتاب والسنة ، العاملين بهدي رسول الله (ص) ، المتّبعين لآثار الصحابة والتابعين وأئمة الهدى المقلدين بهم في الدّين . ولم يبتدعوا ولم يُبدّلوا ولم يُحدثوا في الدّين ما ليس منه )). [ 3]
ثمّ جاء باليقين عند قوله : ((وهذا إعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة .. أهل السنة والجماعة )) [4]
وذلك ما سوّلت لهم أنفسهم ، وما أوحت لهم شياطين السلف الغابر ، فصار الوهم حقيقة ، والسراب يقينا بعد قول أحمد بن حنبل : (( إن لم يكن أهل السنة والجماعة الناجين المنصورين وأهل الحديث .. فلا أدري من هم ..؟)) [5] وبذلك هذى القاضي عياض وغيره ..[6] .
ثمّ أستدلّوا على هذيانهم هذا، بأحاديث المخمورين التي يُفندها العقل السليم ، والفطرة النقيّة .. قبل الجرح والتعديل وعلم الرجال .. وكان أولها عن رسول الله (ص) : (( عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي ..)) [7]
والفريّة الثانية : (( خير القرون قرني ثمّ الذي يليه ثمّ الذي يليه )) [8]
وبهاتين الفريتين شيّدوا صرح عقيدتهم ، وبها وضعوا رصيدهم التاريخي باعتبار أنهم الفئة الوحيدة التي تلتزم بسنن الخلفاء الثلاثة الأوائل – وإن أدعوا بأنهم يتّبعون عليّا (ع) أيضا فسيرتم تفنّد ذلك - وهكذا تمسّكوا ببدعهم وتأويلاتهم .. وحتّى التابعين لهم بإحسان .
وأمّا الحديثان واستدلالهما ، وحالهما من الصحّة . فهما لا يصمدان على من ابتغى حقيقة السند والمصدر , بل سنأخذ المسألة بالعقل ومن أتاه الله العقل ، فلم يحرمه شيئا , ونسأل أوليائهم : ((هل كان سنّة الخلفاء متممّة لسنّة الرسول الأكرم (ص) ؟ حيث لم يُتمّ شريعته في حياته ، فأوصى لهم بإتمامها ..؟ ))
وإذا نظرنا في سنن الخلفاء تلك ، نجدها متضاربة ومتناقضة , إبتداء من حكم الفيء حتّى الحكم عن مانع الزكاة وصولا إلى بدع الثالث منهم ممّا أدّى إلى نحره ودفنه في مقابر اليهود , بحش كوكب .
وأمّا الحديث الثاني .. فيكفيكم عارا وشنارا ما جاء في عصره الأول : من مجزرة البطاح .. إلى قتل الخليفة الثاني والثالث والرابع ..؟ وبين الجمل والصفين والنهروان .. ثمّ كربلاء والحرّاء .. ونصب المنجاليق لهدم الكعبة المشرفة ..؟ فإن كانت هذه خير أيامكم . فتعسا لكم ولها .
بل لم يكتفوا بكلّ ذاك البهتان حتّى طلع شيخهم سهل بن عبد الله التستري ليُعيد ترتيب البيت وأهله فقال: (( علامة أهل السنة والجماعة .. من لا يترك الجماعة ، ولا يسبّ الصحابة ، ولا يخرج عن هذه الأمّة بالسيف ، ولا يكذب بالقدر ولا يشكّ في الإيمان ، ولا يمارى في الدين ، ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بذنب ، ولا يترك المسح على الخفين ، ولا يترك الجماعة خلف كلّ فاجر أو عدل ))؟؟ [9]
وحتّى لا أطيل في توضيح الواضحات من أنّ أهل السنة عقيدتهم مرتبطة بالحكام ، الرابطة المصيرية التي كتبت لها الدوام إلى يوم القيامة , فلا أهل السنة سوف يستغنون على الحكام ، ولا الحكام يستغنون عن أهل السنة .
والمتطلّع عن حال الأمّة في هذه اللحظة تتأكّد عنده المسألة ، إلاّ من شذّ منهم ، وهم قلّة . وكان أكبر رموزهم من الصحابة في هذا الإقتباس المشين ، عبد الله بن عمر هادج الحجاج اللعين ، وكان يُصلّي وراءه في حين رفض الصلاة وراء الإمام عليّ (ع) , وطلب من أهل المدينة الاستسلام لما ثاروا على يزيد بعد وقعة الطفّ , وجاءهم بحديث بعد أن جمع حشمه وولده قال فيه : (( إنّي سمعت رسول الله (ص) يقول : ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيام , وإنّا قد بايعنا يزيد على بيعة الله ورسوله ، وإنّي لا أعلم أعظم من أن نبايع رجلا على بيعة الله ورسوله ثمّ ننصب له القتال , وإنّي لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلاّ كنت الفيصل بيني وبينه ..)) [10] .
يقول هذا ولا يرى في فعل يزيد يوم كربلاء غدرا ولا يوم إستباحة مدينة المصطفى (ص) ثلاثة أيّام ، حتّى حملت ألف إمرة سفاحا .. وهو من رفض بيعة الإمام عليّ(ع) ..؟ ولكن تلك أخلاقهم وتلك شيمهم وتلك أئمتهم وهذه عقيدتهم .. فتعسا لهم وما يقلّدون .
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أبو مرتضى عليّ